إعداد: مبارك أجرود
أظهرت مواطنة أمريكية اسمها “جوليا هيل” تعمل خبيرة بيئية للعالم كله أن المعركة من أجل الحفاظ على عجائب الطبيعة الأم لا تضيع، وذلك بعد أن قضت 738 يوماً فوق شجرة طولها 60 متراً أطلقت عليها اسم “لونا” في محاولة لإنقاذ الشجرة والمحافظة على الأشجار القديمة والغابة من حولها..
عندما بلغت سن “جوليا” سن الـ22، تعرضت لحادث سيارة تسبب لها في كسر في الجمجمة، وأصبحت غير قادرة على التحدث لمدة عام. هذا الحادث غير حياتها رأسا على عقب، ففي عام 1997، تعرفت على مجموعة من النشطاء كانوا يحتجون على تدمير غابة قديمة من الخشب الأحمر في شمال كاليفورنيا، تمتد لمئات الكيلومترات، وسُحرت لجمال الغابة والأشجار القديمة فقررت الانضمام إليهم.
الشجاعة والعزم دفعا جوليا إلى تسلق واحدة من أطول الأشجار في الغابة عمرها 1000 عام بهدف منع مؤسسة “ماكسام Maxxam Corporation” المشغلة لشركة “باسيفيك لومبر Pacific Lumber “، المتخصصة في قطع الأشجار، من اجثتات الأشجار القديمة وحرق الغابة ورشها بالمبيدات تمهيدا لإعادة زراعتها من جديد. ولم تجد جوليا حيلة لإثارة وسائل الإعلام والرأي العام، أفضل من العيش فوق أطول شجرة في الغابة. وبعد 100 يوم انتشرت صور جوليا في وسائل الإعلام العالمية، وأجرت مقابلات مع أشهر الصحافيين، كما قدمت خطابات لتثقيف الجمهور حول أهمية إنقاذ هذه الأشجار.ويرى العلماء أن عملية القطع وحرق ورش الغابات بالمبيدات، سيؤثر سلباً على الطبيعة وبالتالي على صحة الانسان، إذ أنه بعد قطع الأشجار التي كانت تثبت الأرضية، ستصبح هذه الأخيرة زلقة، ورشها بالمبيدات سيؤدي إلى انزلاق التربة “المسمومة” إلى الوديان والأنهار لتلوثها، وبالتالي تنتقل هذه السموم إلى الإنسان. ومع مرور الوقت نجحت جوليا التي أُطلق عليها لقب “الفراشة” في استقطاب المشاهير والسياسيين، الذين دعموا القضية، والمراسلين الذين أرادوا توثيق معركتها ضد شركة قوية.
عاشت جولياً فوق الشجرة تحت ظروف صعبة، إذ كان عليها تحمل التقلبات الجوية القاسية خاصة خلال فترات الأمطار، كما أن موظفي شركة باسيفيك لومبر جعلوا إقامتها أكثر صعوبة، فكثيراً ما كانت تتعرض للمضايقات والأذى بسبب رشها برذاذ الفلفل، واعتماد القوة لإجبارها على المغادرة، حتى أن الشركة عينت متسلقا محترفا لإنزال جوليا من الشجرة بالقوة.
وخلال اعتصام جوليا الشهير، كانت شركة باسيفيك لومبر مصرة على قرارها، ولكن “جوليا” تحدت وتحملت كل العقبات التي عارضت طريقها لمدة تزيد عن سنتين. وبعد 738 يوما، وضعت جوليا أخيرا قدميها على الأرض، وقالت أنها في تلك اللحظة شعرت أنها تفارق صديقا غاليا على قلبها، ففي كفاحها ضد الوحدة وحماية الغابة زاد تعلقها بـالشجرة “لونا”، ورغم حزن الفراق، كانت الفرحة تغمر جوليا كونها نجحت في إنقاذ الغابة وحماية البيئة.
وفي الأخير أعلنت مؤسسة “ماكسام” هزيمتها مقابل 50 ألف دولار أمريكي دفعتها لجوليا بعد اتفاق قانوني لحماية الأشجار القديمة والغابة، وتم التبرع بالمبلغ لإحدى المعاهد المختصة في أبحاث قطع الأخشاب المستدام.
أصبحت جوليا بعد كفاحها وصبرها ناشطة بيئية شهيرة، تقدم محاضرات لتشجيع الأفراد والمنظمات والمجتمعات، على حماية البيئة كما ساهمت في تأسيس جمعية “دائرة الحياة Circle of Life ” الخيرية وألهمت العديد من المشاهير أبرزهم فرقة (The Red Hot Chili Peppers) التي أصدرت أغنية أهدتها لجوليا بعنوان “الفراشة”.
للإشارة فقد استمر اعتصام الشجرة الشهير لجوليا من 10 ديسمبر 1997 إلى 18 ديسمبر 1999.
رابط شريط الأغنية المُهداة ل “جوليا” من فرقة “The Red Hot Chili Peppers”: