آخر الأخبار

أخبار دولية

حوادث

آراء حرة

الأحد، 10 نوفمبر 2013

قراءة في واقعة وفاة المعتقل الاسلامي محمد بن الجيلالي

رحلة الجهاد والشقاء في السجون المغربية بقلم زكرياء بوغرارة كاتب مغربي الموت في السجون المغربية لمعتقلين سياسيين من التيار الإسلامي ليس وليد اليوم ولا الحالة التي نتناولها بالقراءة والعرض هي أولى الحالات فقد سبق للموت رجالات وقامات ,, نستدعي من ذاكرتنا العميقة وفاة الاخ عبد العزيز حشان احد اعضاء حركة المجاهدين بالمغرب الذي لفظ انفاسه الاخيرة في السجن وهو رهن الاعتقال على خلفية الاعتقالات المصاحبة لاغتيال اليساري عمر بنجلون.. وقد نعته الحركة في احدى بياناتها التاريخية.. فقد كان النعماني رحمه الله حريصا على الوفاء لرفاقه ومن مضى معه في رحلة الاعباء... مضى عبد العزيز حشان مضربا عن الطعام يكتم بين أضلاعه حسرةالظلم والوجيعة.. كما مضى الى الموت في تلك المرحلة داخل السجون المغربية عدد من افراد اليسار المغربي من امثال محمد رحال وسعيدة لمنبهي... فالموت في السجون المغربية انه اهم سمات ذلك العالم... كما لاننسى العلامة محمد الزيتوني الذي لفظ انفاسه في زنزانته بالسجن المركزي القنيطرة بعد عشرة سنوات من الاعتقال.. (محنة الزيتونيين صفحات لم تروى قط من سفر البلاء النازل بالتيار الاسلامي في المغرب) يزداد السجن ألما وقساوة ان ذكرنا عشرات من يلفظون انفاسهم في العتمة من ذوي المحكوميات الجنائية في ظروف غامضة تطوى ولاتروى و يسكت عنها في الغالب الاعم ولا يتابع من يتسبب فيها الا ان كان المقترف للقتل من السجناء اما الجلاوزة فهم فوق القانون والمتابعة رصيدنا في المغرب لايزال صفرا في محاكمة الجلادين رغم انها كانت ولاتزال مطلبا جماهيريا ملحا لاتنسى الذاكرة الجماعية للمعتقلين السياسيين بمختلف مشاربهم الجلاوزة ومعهم لاينسى مغرب الشرفاء والاحرار من اذل واهذر ادمية المعتقلين الاسرى الاحرار وستظل محاكمة الجلادين وعدم الافلات من العقاب مطلبا للامة الى ان يأتي يوم القصاص العادل.... ولنا اخوة رحلوا في العتمة في سفر السلفية الجهادية ومعتقليها ونكبتها بعد احداث الدار البيضاء عدد لايحصى من الضحايا منهم الاحياء بعاهات لم تزل تروي عن سنوات الوجع الكثير ومنهم من غيبه الموت تحت الثرى .. هؤلاء هم بغيتنا نذكر بهم وبما مضوا من أجله في رحلة الشقاء السجونية خالد البوكري ذلك الشاب الذي ساقه قدره الى السجن و ناله من مرارته ما لايروى فقد مضى الى ربه يكتم حرقته واهاته في صدره,, مضى رحمه الله في اضراب العام 2005 ورغم كل الصخب الذي صاحب موته وما احدثه ذلك الاضراب الوطني الاول من صدى.. فقد ظل الفقيد في غيابات النسيان لكن السجون وسنواتها المرة لاتنسى من رحل في العتمة.. تذكر رحلات من يموتون مجددا كالاخ محمد بن الجيلالي رحمه الله.. بكل من رحلوا في العتمة قهرا واغتصابا للحرية والضمير والانسانية والكرامة والعدل في العام 2006 رحل الاخ زكرياء الميلودي وقد لفظ انفاسه الاخيرة في القبو المقيت فيما لايدع مجالا للشك ان يد الجلاد كانت حاضرة في ذلك الزمن ومضى الى ربه مظلوما موجعا... وبقيت من ذكراه رحمه الله مواقف ومشاهدات لم يكف الراحلون في العتمة عن الذهاب بصمت موجع كالسوط فقد رحل الشيخ محمد الامين اقلعي بعد ان فاضت رحه الى بارئها وهو ساجد بين يدي الله تعالى وقد كان شيخا هرما.. هرم من اجل تلك اللحظة الفارقة التي يرحل فيها رحيل اصحاب القامات الباسقة مضى الشيخ اقلعي رحمه الله ولكن سيرته لم تزل تروى ولاتطوى وان لم يكن من درس تركه لنا وهو صاحب الخطب الرنانة الا درسه الاخير فقد كان موته اقوى وابلغ من كل خطب الدنيا ولا يعرف مرارة الموت في العتمة الا من عاش تلك اللحظات الكنود ثم مضى اخرون لا تسعفني الذاكرة لاستعادة صورهم او اسمائهم لكنني اذكر منهم غريبا اعتقل فاستحكم المرض في كل ناحية من جسده ثم لفظ انفاسه بعد معانقة الحرية وتلك مرارة اخرى اشد وقعا على النفوس من الحسام المهند... انه محمد قويبعات هذا الراحل الذي لايذكره احد كان (احدبا) غزته العلل ولكنه اعتقل بالشبهة والظنة وظل في العتمة حتى تمكن المرض منه ولما غاذرها رحل اذكره وانا استعيد ملامح صورته البريئة بكل معالم الطهر التي خلفها الراحلون ولن يكون آخرهم اخونا الشيخ الاسير القعيد المشلول محمد بن الجيلالي رحمه الله رحمة واسعة الى هؤلاء كلهم ننثر من كنانة القلم سهام كلمة حق تقوم بالتعرية لواقع الزيف المغربي,, الصامت حقوقيا الكامن في جلده في كل شيء له صلة بالاسرى الاسلاميين المظلومين المكلومين الموجعين بالقهر والظلم رحلة الشقاء محمد بن الجيلالي مهاجر مغربي في فرنسا.. متدين بطبيعة نشأته في بادية تازة.. محب لدينه وملتزم بتعاليمه كان يأمل في أن يحيا حياة اسلامية مع اسرته وأولاده وبعد ان قضى قرابة الثلاثين سنة في اوروبا عاد للبلاد كعادته كل صيف لقضاء اجازته بين اهله واولاده وكان من قدر الله تعالى ان يلبي نداء الكرم بضيافة اخوين,,كانا من المطلوبين للاجهزة الامنية.. قد لاذا له فاستضافهما في داره وفجأة تحول بيته الى ساحة معركة شرسة تكلم فيها الرصاص والرصاص وحده اخترق الجدران وعبث بكل شيء واصاب احدى بناته وكانت يومذاك في عامها السابع.. كما اصيب الاخ عبد الوهاب الربيع,, واعتقل الثلاثة في ذلك اليوم بن الجيلالي صاحب الدار وضيفاه احمد السليماني وعبد الوهاب الربيع المصاب برصاصات في سائر جسده حمل بن الجيلالي لمرضه الى المستشفى ثم منه الى متعقل تمارة ليجد نفسه في زنزانة رقم 38 بالسجن المحلي الزاكيب بسلا عندما وصل للسجن كان لايزال يلبس بيجامته التي صاحبته زمنا حتى سمح لسائر المعتقلين بالزيارة... كان بن الجيلالي المريض يومها واثقا من انه سيغاذر السجن فلا علاقة له بالمطلوبين سوى واجب الضيافة ولكن المحاكمةالتي جرت في اواخر شهر شتنبر من العام 2003 جائت بما لتشتهيه النفس فبينما المحاكمةتمضي في سياقها و معها يتيقن كل من حضرها ببراءة بن الجيلالي فجأة انهار احد المتابعين وشهد على الجميع شهادة لا اساس لها من الواقع وردتها اعترافات المتهمين الرئيسيين السليماني والربيع ولكن انى لابن الجيلالي في ذاك الزمن ان يعانق حريته وبدلا من البراءة كان نصيب الشاهد الذي لم يرى شيئا البراءة ولابن الجيلالي السجن ل20 سنة نافذة لم يمكث الرجل في اقبية عتمة سجن سلا الا قليلا ليتم ترحيله مع مئتي معتقل الى السجن المركزي القنيطرة صنفوا حينها بالخطرين على الامن في حي جيم بالسجن المركزي مكث الرجل يعاني من مرضه المزمن مع داء السكري والقلب ويشكو من الاهمال والتهميش.. وهكذا مرت سنواته الاولى في العتمة في شدة وعسر الى ان رحل من جديد العام 2006 الى السجن المحلي بوركايز بفاس... فقد رفضت ادارة السجون وبشدة ترحيله لسجن مكناس لتقريبه من عائلته وزوجته واولاده في سجن فاس لم يمكث الا قليلا وزادت معاناته مع المرض ليتم اخراجه للمستشفى عدة مرات متباعدة انتهت باصابته بالشلل النصفي ورويدا رويدا اصبح لايقوى على الحركة وهكذا انتهى به المطاف حبيسا في كرسيه المتحرك ذلك الكرسي الذي منحته اياه احدى الجمعيات المدنية وجرد منه بعد ترحيله الاخير نكاية فيه واجراما من جلاوزته الذين نقموا على الضحية ان يقول لجلاده اطلق سراحي لم يبقى لي من الدنيا شيئا فعما قليل سأرحل لم تتحرك مشاعر من يهمهم الامر بل تحركت بدلا عنها العصا الغليظة التي انتهت بموته موتا قاسيا مؤلما موحشا متغولا لم تكن رحلة العتمة سوى حلقات متواصلةمن الكد والشقاء وياطالما عانى الرجل القعيد من ظلم الجلاوزة ومحاولات التضييق عليه حتى انني قبيل خروجي من السجن مررت عليه فوجدته في حالة تشنج وغضب فقد استغل حارس السجن غيابه عن الزنزانة ودخل و استولى على عدة كؤوس زجاجية كان يستعملها في شرابه ودوائه.. بينما اباطرة المخدرات لايجرؤ حارس مرتش على الاقتراب من اقبيتهم ولا الاستيلاء على متاعهم مهما كان ممنوعا داخل العتمة ..فالموظف في السجن هو أس الفساد وسرطانه وهكذا كانت الرحلة تمضي قضى شطرا منها في مهاجع المعتقلين الاسلاميين وشطرا آخر في العزلة بحي الانبعاث بفاس وبه معتقلون من الحق العام ولكنه كان في منفردته يخوض صراعه اليومي مع المقتصد الجشع للتأخير المتعمد في صرف ادويته.. ومرات مع جلاوزة الحي الذي اقام فيه ردحا من الزمن.. وفي العام 2011 كانت بن الجيلالي رحمه الله مقيما في زنزانة انفرداية و اراد مدير السجن اخلائها واخراجه منها لتمريرها لعناصر من سجناء الحق العام.. ولم يجد سوى الموظف المدعو الخليفي ليمارس عليه تهديداته الى ان انصاع بن الجيلالي ونقل الى منفردة اخرى... لاتتوافر فيها ادنى شروط السلامة الصحية.. وقد خاض مع الادارة السجنية العديد من النضالات لحيازة حقه وكرامته كمعتقل مظلوم مكلوم وهذا غيض من فيض سرى بن الجيلالي كما عرفته كان رجلا قويا في الحق صلبا في قرارته حاسما في اي امر عول عليه او معركة يخوضها,, فان خاضها فلايتراجع ابدا وهذا سر اصراره الاخير على الاضراب عن الطعام حتى الموت... لقد عجبت اول الامر من خوضه للاضراب الذي انهى به اهم فصول حياته .. لكنني عندما وقفت على اسباب الاضراب وحالته في زنزانة مع معتقلي الحق العام استيقنت ان الرجل حسم امره اما الكرامة بنقله للمنفردة او الموت.. ولم يكن يعتقد انه سيتم التخلي عنه من جلاوزة ادمنوا القهر فنا حتى صارا لهم عنوانا .. فالتقارير الطبيبة تؤكد ان الرجل بمجموع امراضه لا يقوى على خوض اي اضراب وانه في حالة خوضه للاضراب فان نسبة موته تفوق اي توقع وهم كانوا يعرفون ذلك من ملفه الطبي واهملوه عمدا و حتى تفيض روحه الى بارئها ان بن الجيلالي الذي كان ينتفض لاي شيء يمس دينه رغم عجزه وشلله لم يرضى ان يكون نزيل قبو شركاء الزنزانة فيه معتقلو الحق العام فيا طالما خاض معهم حروبه لسبهم لرب العالمين وللتطاول اليومي على دين الاسلام بل ولسبهم الذات الالاهية باقذع الاوصاف فهم ينادون الله يا الله.... ثم يشرعون في الشتم والسب الذي تهتز له الجبال وتكاد ان تنهد هدا ولكنهم لا يجرؤون على سب الملك ولا مدير السجن فمن امن العقوبة أساء الأدب. وقد شهدت مرة معتقلا من ذوي الجاه يساق لزنزانة التأديب لسبه المندوب ولم ارى طيلة سنوات السجون معتقلا يسب الله جهرا باحط انواع السباب الحقير المقيت البغيض يساق لقبو العقوبة (الكاشو) لسبه رب العالمين بل ان معتقلا سب النبي فعوقب من ضربه واخلي سبيل شاتم الرسول وكيف لا يسب معتقل حقير رب العزة ومدراء السجون يسبون الله تعالى وحراسهم لايخلو لسانهم من سب الدين والذات الالاهية فسحقا لهم سحقا بن الجيلالي ان لم تكن له حسنة سوى انتفاضته في وجه من يسب الله تعالى فانها تكفيه... رحمه الله وياطالما وجدته يقذف هذا السجين او ذاك باي شيء امامه ثأرا لله تعالى لسبهم رب العزة والجلال ولم يكن يرى استضعافه وعجزه حائلا دون قيامه بتغيير المنكر.. وكان الرجل قوي العقيدة يجهر بعقيدته ودينه ولايخشى الجلاوزة ويكفرهم في وجوههم وهو ما كان يزيدهم غيظا وحقدا بدت البغضاء في وجوههم وتجلت في ما آل اليه مصير الرجل رحمه الله بن الجيلالي عرى واقع الزيف الحقوقي من اللحظة التي سربت فيها صوره ورآها العالم وكان جديرا بمن يهمهم الامر في بلادنا ان يطلقوا سراحه ,, وهم اكثر الناس يقينا من واقع ملفه الطبي ان الرجل كان ميتا لامحالة.... لكن للاستبداد طبائع شتى لاتتسق مع منطق الرحمة والعقل سؤال الواجهة الجديدة ترى هل سيكون بن الجيلالي آخر الراحلين في العتمة السجونية المغربية بله وآخر المضربين عن الطعام لنيل حقوقهم وكرامتهم وانسانيتهم يبقى السؤال سؤالا يثير مواجعنا وآلامنا وحسراتنا قبل عبراتنا ترى هل سيظل الاهمال الطبي السمة التي يتم التعامل فيها مع المعتقلين خاصة من ذوي الامراض المزمنة فقد مات احد الاخوة التائبين الى الله المعتقل في ملفات السلفية بعد ان تمكن منه مرض الايدز ومع هذا ترك ليموت في العتمة بدل ان يطلق سراحه بعفو صحي ترى هل سيكون رحيل بن الجيلالي بداية حركة تصحيحية في ملف السلفية الجهادية واسراها في السجون ام انه سيمضي كما رحل سابقوه اسئلة كثرى تتوارد الى الذهن وتتقاطر على المخيلة ولكنها تبقى في مغربنا مجرد اسئلة... رحم الله الفقيد,,, رحم الله الراحل الغريب الفارس تحت راية الحبيب

 
جميع الحقوق محفوظة © 2016 شبكة رصد أونلاين