حميد شباط شخص ذكي جدا، ومن قال العكس فليسأل الحمار، الحمار الذي استعان به شباط نفسه البارحة في مسيرته ضد بنكيران..
شخصيا، أنا سألته، أعني الحمار..
اقتربت منه فوجدته غاضبا. حييته باحترام وقلت له نفس الكلام المكرر الذي نقوله بيننا نحن البشر، فازداد غضبا. وبيني وبينكم لم أفهم كيف يغضب حمار لأنك قلت له كيف حالك يارجل؟ والمصيبة أنه بدا فاهما ما عجزت أنا عن فهمه..
قال لي إنه غاضب، لأن كرامته قد جرحت، وأشار بحافره إلى القميص الذي ألبسه إياه أتباع شباط وإلى ربطة العنق التي لفوها حول عنقه..
كان يمكن أن أفهم كيف تجرح كرامة حمار جاء إلى العاصمة بقميص مستعمل وقصير، ودون سروال، وبربطة عنق حائلة اللون، لكن ذلك لم يكن هو المقصود ..
من الطبيعي ألا يجهد المرء نفسه لفهم كلام الحمير، فالحمير في تصورنا العام ليست بليغة في النهيق، فأحرى أن تكون عميقة في الكلام، لكن حمار شباط ليس كباقي الحمير، وإلا لما كان شباط ذكيا كما أسلفنا.
بالعكس حمار البارحة شخص متميز جدا، بل هو الممثل الرسمي لحزب الحمير في مسيرة شباط، وهو مايجعله شخصا غير اعتيادي لا في النهيق ولا في الكلام..
"أنا الكائن الوحيد فوق هذا الكوكب الغبي الذي يستطيع أن يقول أنا حمار وهو يشعر بالفخر"، قال لي حمار شباط دون أن يشير بأصبعه إلى صدره كما يفعل أغلبنا عندما يتحدث عن نفسه، فهو كان يعرف أنني أراه، وأنه عندما يقول أنا، فهو يقصد نفسه، وبالتالي فليس من "تحماريت" الاشارة إلى صدره..
"أنا حمار وأعتز بحماريتي، ولست مستعدا للتخلي عن هويتي مقابل العالم كله، فكيف تريدني أن أرضى بهذه "الشراويط" التي ألبسوني إياها، والتي جعلتني شبيها بكل هؤلاء "الشلاهبية" الذين يملأون الدنيا هذه الأيام"..
حمار شباط ليس فخورا بنفسه فقط، بل وصريحا أيضا، وقد أخبرني دون لف أو دوران بأنه ليس من صف شباط، بل هو مع بنكيران، وإذا كان ضمن المسيرة المنددة بارتفاع الأسعار "فأخوك مكره لابطل"، كما قال بعظمة لسانه..
هل كان شباط يعرف ذلك؟ هل كان يعرف أن الحمير راضية على بنكيران وتدعو الله صباح مساء أن يجعل بنكيران يحول عادته في رفع أسعار المحروقات إلى إدمان لاشفاء منه؟ هل شباط على علم بأن الحمير تراهن كثيرا على الزيادة الحالية في المحروقات والزيادات التي ستليها مستقبلا من أجل العودة إلى وظائفها التي طردت منها بفعل تدخل وسائل النقل الحديثة؟
شخصيا، أنا واثق أن شباط على علم بمصالح الحمير التي تعاني من العطالة المزمنة بعد أن حلت وسائل النقل الحديثة محلها، وأن سبيلها الوحيد للعودة إلى وظائفها السابقة يمر في الوقت الحالي عبر الزيادات في أسعار الوقود حتى يعجز المغاربة عن تحمل كلفته، فيتخلوا بالتالي عن دراجاتهم وعرباتهم ويعودوا جميعا إلى ركوب الحمير.. وذلك بالضبط هو مكمن ذكاء شباط، كيف تجعل من يساند خصمك يشارك في احتجاجاتك عليه..